يتمتع صاحب الشخصية الحازمة بصفات نادرة، تجعله قادراً على مواجهة التحديات والتغلب عليها بمثابرة وثبات وشغف. وهذا ما أكّدته دراسات عديدة، أي أن الحازمين هم الأكثر قدرة على تحقيق أهدافهم، سواء في المجال العملي الأكاديمي أو المهني والعملي.
لكن دراسة حديثة، نُشرت في مجلة “Journal of Research in Personality”، أظهرت جوانب سلبية لدى هذا النوع من الشخصيات، خصوصاً تلك المبالِغة في حزمها، فإن إصرار الشخص الحازم على رفض الاستسلام، يمكن أن يتحوّل في الواقع إلى سبب في فشله. وبحسب مجلة Forbes فإنه من خلال مجموعة من الدراسات والبحوث في جامعتي جنوب كاليفورنيا ونورث إيسترن، تبين أن للمبالغة في الإصرار والمثابرة عواقب وخيمة.
ومن جانب آخر يتصرف الأشخاص العاديون بنوع من الحزم، عندما لا يحصلون على النتائج التي يريدونها، لكن الأشخاص الأكثر حزماً يضاعفون جهودهم عندما لا يرون النتائج التي يريدونها. وسواء خسروا المنافسة أم لم يحققوا أرباحاً في المبيعات، فهم يهرعون إلى بذل قصارى جهدهم عندما يبدو الفشل محتملاً.
وفي الوقت الذي يكون فيه الإصرار مفيداً في كثير من الظروف، يرى الباحثون أن ذلك قد يتسبب بنتائج عكسية في بعض الحالات. ومثال على ذلك: عندما يواجه الطالب سؤالاً صعباً في اختبار الكفاءة المدرسية، قد يستغرق منه وقتاً طويلاً لمحاولة حلّه. وفي هذه الحالة يكون الحلّ الأفضل لتخطّي المشكلة هو بالانتقال إلى السؤال التالي.
وفي المقابل فإن الأشخاص الأكثر حزماً يبذلون جهداً أكبر لحل المشكلة، ولو احتاجوا وقتاً طويلاً. وإصرارهم للعثور على الجواب قد يؤدي إلى نفاد الوقت قبل الانتهاء من الاختبار. وفي نهاية الأمر، مثابرتهم على هذا النحو لحل كل سؤال سيضر بالنتيجة النهائية أو المحصلة العامة.
وحتى عندما يخوضون معركة خاسرة يرفضون الاستسلام. وهذا الإصرار في بعض الأحيان يمكن أن يكون مضراً، عندما يرفضون الحوافز المالية المعروضة مقابل الانسحاب. وبدلاً من ذلك، يصرّون على الاستمرار على الرغم من أن الفشل لا مفرّ منه. وبمعنى آخر، فإن خسارة أحد رياديي الأعمال قد تزيد من إصراره على الاستمرار، بالرغم من تضخم الأعباء المالية. ورغبته في المضي قدماً يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى خسائر مالية فادحة.
ولتجنّب قصور الرؤية الناتج عن ذلك، لا بدّ من إيجاد نوع من التوازن بين الإصرار المتهوّر والعقلية الانهزامية. ومعرفة متى يكون الانسحاب ومتى يكون الاستمرار، ما سيساعدك على تحقيق أهدافك الكبرى.
