” – ريتا الجمّال:
لبنان البلد الصغير بمساحته، وعدد سكانه.. كبير جدا بملفاته، وازماته، فمن هموم الرئاسة وشغور الموقع الاول في الدولة، الى الشلل الحكومي، واصابة المجلس النيابي بوباء النوم العميق، وصولا الى المخاطر الامنية، فتردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية.. تتصدر اسعار المحروقات لائحة تساؤلات المواطن اللبناني واهتماماته لا سيّما مع بدء فصل الصيف، “فصل المشاوير” بامتياز.
في شهر تموز من العام الماضي، شهدت الاسواق العالمية تراجعاً بأكثر من 40% في اسعار النفط، الامر الذي انعكس ايجابا على لبنان حيث إنخفض سعر صفيحة البنزين بحوالي 10800 ليرة وكان من المتوقع ان يلامس الانخفاض مستوى 20 الف ليرة قبل ان تستنفر الدولة بوزارتها المختصة، التي راحت تقتطع نسبة من التراجع لصالح الخزينة العامة من أجل تغطية نفقات سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، ولم تتردد وزارة الطاقة في محو الفرحة عن وجوه اللبنانيين وتحويل البشرى السارة الغير متوقعة الى خطوة سلبية اعتاد عليها اللبناني من دولته مع اعلان وزارة الطاقة نيّتها في تثبيت سعر صفيحة البنزين على 22000 ليرة لبنانية مهما تراجع سعر برميل النفط عالمياً.
اليوم وبعد مرور سنة عادت الاسعار لترتفع تدريجياً منذ شهر شباط، وعدنا الى دوامة التوقعات والتساؤلات حول السقف الذي ستبلغه صفيحة البنزين في لبنان، وامكان لجوء وزارة الطاقة الى ” سياسة التثبيت” نفسها انما هذه المرة للحد من ارتفاع الاسعار. في هذا السياق اعتبر رئيس “مجموعة البراكس بتروليوم” الدكتور جورج براكس في حديث الى موقع “ليبانون ديبايت”، ان ” اسعار المحروقات لن ترتفع في الوقت الحاضر حيث سيشهد قطاع النفط حالا من الترقب، نظرا لوجود توازن بين العوامل التي تؤدي الى ارتفاع الاسعار وتلك التي تساهم في انخفاضها. بمعنى اخر بين عامل الحرب الدائرة في اليمن وفي الخليج بشكل عام، الذي يؤدي الى ارتفاع اسعار المحروقات وبين العامل الثاني الذي يحول دون حصول هذه النتيجة اي الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة دول الخمسة زائد واحد الذي بمجرّد التوقيع عليه بشكل نهائي، ستنخفض الاسعار تلقائياً لان ايران ستتمكن عندها من ان تصدرّ النفط من دون قيود نتيجة رفع العقوبات عنها الامر الذي سيؤدي الى زيادة الكميات في السوق، ضعف الطلب ووفرة العروض، مع ضرورة الاشارة الى ان تدفق النفط الإيراني قد يرتبط بالمزيد من انخفاض في الاسعار، خصوصا بعدما اعلنت السعودية بانّها لن تخفّض انتاجها النفطي، الذي يمثل قرابة ثلث إمدادات منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”.
وأكد براكس ان المعطيات السابق ذكرها، اضافة الى ارتفاع حجم الانتاج الصناعي في الصين التي تعتبر ثاني اكبر مستهلك للنفط في العالم، ساهمت كلّها في استقرار صفيحة البنزين.
تثبيت اسعار المحروقات
في سياق متصل، استبعد براكس ” احتمال تثبيت سعر الصفيحة سواء على 22 او 25 الف ليرة لبنانية، لاسباب عدة، لها علاقة بالدين العام والرسوم والضرائب، والاهم من ذلك دور “المحرّك” الذي تسعى الدولة من خلاله الى “اللعب” بالضريبة وفق الطريقة التي تناسبها، من دون ان ننسى ان حصول التثبيت يؤدي الى الغاء الضريبة تلقائيّاً، وهذا ما لن تتجرّأ الدولة على فعله. في حين تبقى الاحاديث عن احتمال التثبيت محصورة في خانة الوعود التي لن تتحق”.
جاد شعبان
الخبير الاقتصادي جاد شعبان عدّد الاسباب التي تؤدي الى ارتفاع اسعار المحروقات في لبنان، ذكر من بينها:
اولا: ان جدول اسعار المحروقات في لبنان يجري إحتساب معدلاته على مدى أربعة أسابيع سابقة. كما ان سعر البرميل ليس هو نفسه الذي يسلم الى المستهلك أو الى شركات النفط، اذ هناك تكاليف أخرى كالشحن مثلا، ما يؤدي الى ارتفاع سعره محلياً مقارنةً مع السعر العالمي.
ثانياً، الضريبة الباهظة على القيمة المضافة الموضوعة على البنزين التي تبلغ حوالي 7000 ليرة.
ثالثاً، عامل الاحتكار حيث هناك 11 شركة فقط تسيطر على استيراد المحروقات وتوزيعها في لبنان. فممارسات الشركات تلعب دورا كبيراً في رفع الاسعار، مقابل تأخّر الدولة عن تصحيحها.
فادي ابو شقرا
بدوره حمل مستشار نقابة اصحاب المحطات فادي ابو شقرا بشرى سارة الى اللبنانيين اذ قال في اتصال مع موقع “ليبانون ديبايت”، ان آخر ارتفاع في اسعار المحروقات سيجّل الاربعاء المقبل بنسبة 200 ليرة لبنانية، مرجحا ان لا تعود الاسعار إلى الارتفاع الحاد الذي كان قبل الهبوط، بحيث وصل سعر برميل النفط إلى 112 دولاراً.
وعن إمكان لجوء وزارة الطاقة الى تثبيت سعر الصفيحة للحد من المنحى التصاعدي على غرار ما حصل في الفترة الماضية مع الانخفاض الكبير الذي شهده القطاع النفطي، اعتبر ابو شقرا ان الامر غير وارد في المرحلة الراهنة نظراً للفراغ الحاصل في مراكز السلطة والقرار في ظلّ عدم انعقاد مجلس الوزراء وغياب رئيس الجمهورية.
اخيرا، نشير الى ان اسعار البنزين ارتفعت اليوم بنوعيه 98 و95 اوكتان 200 ليرة لبنانية، في حين تراجع سعر صفيحة الديزل اويل 200 ليرة لبنانية، والمازوت الاحمر والكاز 100 ليرة لبنانية، وقارورة الغاز 700 ليرة لبنانية. واصدر وزير الطاقة والمياه آرثور نظريان قرارات حدد بموجبها الحد الاعلى لاسعار مبيع المشتقات النفطية في الاسواق اللبنانية التي اصبحت على الشكل التالي:
– بنزين 98 اوكتان 27600 ليرة لبنانية
– بنزين 95 اوكتان 26900 ليرة لبنانية
– ديزل اويل للمركبات 17100 ليرة لبنانية
– مازوت احمر 16900 ليرة لبنانية
– كاز 17600 ليرة لبنانية
– قارورة غاز زنة عشرة كيلوغرامات 11100 ليرة لبنانية
– قارورة غاز زنة 12,5 كيلوغراما 13300 ليرة لبنانية.