عاد نهر الليطاني بقوة إلى الواجهة. فتلوث هذا النهر يشهد اهتماما متصاعدا من قبل المعنيين كافة لجسامة الوضع، ولاسيما أن آخر دراسة أعدتها مصلحة الليطاني بالتعاون مع المركز الوطني للبحوث العلمية تقول إن كمية المياه في النهر تراجعت من 700 مليون متر مكعب الى 300 مليون متر مكعب. وهذا الواقع بالغ الخطورة لكونه سيعطل بحيرة القرعون وكل النتائج الايجابية المرجوة من القناة 800.( قناة 800 عبارة عن مشروع ري يهدف إلى نقل المياه من بحيرة القرعون إلى الجنوب، ويمتد المشروع من مشغرة في البقاع الغربي وصولا إلى يارين في الجنوب، ويقع الجزء الأكبر منه ضمن أقضية مرجعيون، حاصبيا وبنت جبيل).
بدأت إدارة المصلحة الوطنية للليطاني رفع الدعاوى ضد المتعدين على النهر. قدمت شكاوى وبدأت بإرسال تحذيرات لأصحاب المنتزهات في الجنوب لإزالة العوائق من النهر، فضلا عن تسلمها كتاباً من وزارة الطاقة لمنع حفر الابار التي لا تبعد كيلو مترا عن النهر، فضلا عن الإنذارات التي وجهتها إلى عدد من البلديات في البقاع الغربي لوقف تحويل الصرف الصحي الى مياه النهر.
لقد شهد الاسبوعان الماضيان لقاءات عدة خصصت للبحث في قضية الليطاني. فعقد اجتماع في السراي حضره مستشار الرئيس المكلف للشؤون الإنمائية فادي فواز والنائب علي فياض، مدير عام مصلحة الليطاني سامي علوية وممثلون عن الوزارات المعنية. وعقد اجتماع اخر حضره فياض والنائب محمد نصر الله وعلوية ومدير عام المجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة، بالاضافة إلى لقاء الحملة الوطنية برؤساء البلديات المعنية وممثلين عن الوزارات المعنية.
وفي السياق نفسه، انضمت لجنة الأشغال إلى المهتمين بمآل أوضاع الليطاني، وعقدت اجتماعا الأسبوع الماضي استمعت خلاله إلى عرض مفصل من النائب فياض، وخلص إلى تبني توصيات نائب الوفاء المقاومة المتعلقة بـ
1- تسريع وتيرة تنفيذ القانون 63 المتعلق بمكافحة تلوث الليطاني بما لا يتجاوز السنتين.
2- تكليف الأجهزة الأمنية والقضائية باتخاذ قرارات متشددة بمنع المخالفات وإحالة المعتدين إلى المحاكمة.
3- البدء الفوري بدراسة الوضعية البيئية لبحيرة القرعون وتحديد طرق المباشرة بإزالة التلوث منها.
4- اعتماد الحوكمة بمعنى تجميع الصلاحيات الموزعة على الوزارات المختلفة في إطار اعتماد مبدأ الإدارة المتكاملة للمياه.
وقررت لجنة الأشغال رفع هذه التوصيات إلى رئاسة المجلس للمسارعة في الأخذ بها، وإلى الحكومة، على أن تعقد اللجنة اجتماعاً في 28 من الشهر الجاري ستدعو إليه الوزارات والمصالح المعنية بالليطاني.
تولي الرئاسة الأولى والرئاستان الثانية والثالثة اهتماما بارزاً بكارثة الليطاني. وبينما يواصل الرئيس العماد ميشال عون اجتماعاته مع المعنيين للتسريع في الخطوات العملانية، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس إلى اتخاذ الإجراءات البيئية العاجلة وردع ردم مجرى الليطاني بالمجارير والقاذورات، في حين أن الرئيس سعد الحريري أجرى اتصالا بفياض طالبا منه زيارته في أسرع وقت للبحث في الموضوع على أن يحدد الحريري الموعد قريبا.
تدرك الطبقة السياسية ضخامة “الكارثة الليطانية”، وتعي جيداً أهمية إطلاق ورشة وطنية عاجلة لإنقاذ النهر وسكان القرى والبلدات المحيطة به مع تحوله على امتداد مجراه إلى مصدر للأمراض نظراً إلى مخاطر المواد الكيماوية التي ترمى فيه.
إلى أين ستصل الحملة الوطنية، ولا سيما أن المؤسسات المعنية لم تنجح على الاطلاق في الماضي بتحقيق الأهداف والاسترايتجيات التي وضعت من أجلها؟ وهل سنكون في الفترة المقبلة أمام الحل المنشود لأزمة الليطاني، أم أن المسؤولين انفسهم سيطلقون صفارة نهايته؟
يقول المعنيون في الحملة الوطنية أنهم نجحوا في تسليط الضوء على حجم المشكلة، حتى بات الجميع معنيا بهول الكارثة. فعلى المستوى التشريعي حصل تقدم بارز بإقرار قانون لمكافحة التلوث النهر. أما على مستوى التنفيذي، فيلقي هؤلاء المسؤولية على الحكومة، ويطالبونها بأن تبادر إلى تفعيل الإجراءات على المستوى العملي، إذ بامكانها في إطار تصريف الأعمال على سبيل المثال تكليف الأجهزة القضائية والأمنية المباشرة بمنع التعديات على النهر لا سيما من قبل أصحاب المصانع.