“الحُمى الصفراء” تتفشى وتحذيرات من وباء يجتاح البشر

تحذيرات ودعوات لإعلان حالة الطوارئ واستنفار عالمي لمواجهة وباء الحمى الصفراء الآخذ في الانتشار في إفريقيا، والذي شيئاً فشيئاً بدأت عدواه تأخذ أبعاداً عالمية، خاصة في ظل نقص اللقاحات المضادة.

وحذر كل من خبير الأمراض المناعية البروفيسور دانييل لوسي وأستاذ قانون الصحة العالمية لورانس غوستين من أن هناك نحو مليار شخص يتهددهم خطر الإصابة بالمرض في إفريقيا وأميركا اللاتينية، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، الثلاثاء 10 مايو/أيار 2016.

وكان لوسي وغوستين قد أهابا بمنظمة الصحة العالمية إعلان حالة الطوارئ حول العالم لمكافحة المرض قبل فوات الأوان، خاصة أن تلكؤ المنظمة سابقاً في مواجهة إيبولا “دفعت ثمنه أرواح الضحايا”.

كما دعا الخبيران إلى تأسيس لجنة عالمية تقرر كيف يستجيب العالم للتحديات والأخطار الصحية الوبائية التي كثرت في الآونة الأخيرة نظراً للتغير المناخي على الأغلب.

وتعد أنغولا أكبر ضحايا براثن المرض الفتاك الذي لم تشهد البلاد موجة أعنف منه منذ عام 1986، حيث حصد الوباء أرواح 250 شخصاً، كما رصدت حالات في كل من كينيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وفي بيرو بأميركا الجنوبية، تم رصد 20 حالة، وكذلك سجلت حالات عدة في آسيا وتحديداً في الصين التي عاد إليها بضعة مسافرين من أنغولا حاملين معهم هذا المرض العضال.

وحذر الخبيران الأكاديميان لوسي وغوستين في مقال لهما بعنوان: “وباء الحمى الصفراء.. كارثة صحية عالمية جديدة”، نشر في مجلة “جاما” للدورية العلمية، من أن “هناك خطراً يلوح في الأفق جراء النقص الحاد في لقاحات الحمى الصفراء وسط انتشار الوباء في إفريقيا وربما قريباً في أميركا اللاتينية وآسيا”.

ولا رجاء في الوقاية من الوباء سوى باللقاح، فالمرض ينتقل عبر حشرات البعوض، ولكن

قد يولد نقص اللقاحات “شرارة أزمة أمن صحي”، قد تضطر معها منظمة الصحة العالمية إلى تخفيف عيار الجرعة وتقليلها كي يكفي اللقاح أعداداً أكبر من الناس، “حسب مقتضيات الأمن الصحي العالمي العاجلة”، وفق ما كتبه الخبيران.

وجاء كذلك في مقال هذيه الخبيرين أن على منظمة الصحة العالمية عقد اجتماع لجنة طارئة لجمع الأموال وتنسيق الاستجابة العالمية وزيادة إنتاج اللقاح وعدم التأخر أو التلكؤ في ذلك؛ لأن تأخر المنظمة عن تأسيس لجان كهذه في السابق لمكافحة إيبولا وربما زيكا حالياً قد تسبب في خسائر بالأرواح يخشى تكرارها، مؤكدين أن الاستجابة الفاعلة لتأمين سبل الوقاية من الحمى الصفراء واجب هام.

والمرض يظهر بشكل متقطع منذ القرن الـ17 في مدن ساحلية ذات موانئ للسفن في كل من جنوب إفريقيا وأميركا الجنوبية، بيد أنه ظهر كذلك في أوروبا عامي 1730 و1821 حين ضرب المملكة المتحدة، وكذلك ضرب الوباء الولايات المتحدة الأميركية في مدن نيوأورليانز عام 1905، وممقيس عام 1878، وفيلادلفيا عام 1793.

أعراض المرض تبدأ مع ارتفاع درجة الحرارة وآلام مبرحة في الظهر مع قيء من 3 إلى 4 أيام. لكن المرضى بعدما يبدو عليهم التعافي، يتعرض 15% منهم لحمى أعتى وأشرس تصيبهم باليرقان الأصفر (اصفرار الجلد وبياض العين) ، والهزال، ومن هنا يستمد المرض لونه الأصفر في اسمه.

تلي ذلك سلسلة من الأعراض الخبيثة: نزيف من العينين والأنف والمعدة ومزيد من القيء وآلام المغص، ونصف من يصل إلى هذه المرحلة يتوفى، إذ لا علاج حتى الآن لتلك المرحلة.

لكن الأوبئة كثرت منذ ثمانييات القرن العشرين وظهرت منها أنواع جديدة مثل مرض الكورونا أو ما يسمى متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وكذلك ظهرت متلازمة سارز التنفسية الحادة، فضلاً عن فيروس غرب النيل وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير.

وتتعدد الأسباب وراء تزايد تلك الأوبئة وتنوعها، كالانفجار السكاني وسهولة التنقل والسفر حول العالم، وتجارة الحيوانات والنباتات العالمية، واضطرار الحيوانات للبحث عن موطن جديد ومصادر جديدة للطعام بعدما خسرت بيئتها الطبيعية، والتغير المناخي الذي حدا بالكثير من الحيوانات والطيور إلى تغيير وجهات هجرتها.

ويخشى العلماء البريطانيون من أن حرارة الصيف المقبل ستؤدي إلى تكاثر نوع معين من البعوض يسمى بعوضة النمر الآسيوي تمكن في ظرف 20 عاماً من الانتشار من موطنه جنوب شرق آسيا حتى وصل أوروبا.

لكن تباطؤ منظمة الصحة العالمية في الاستجابة ملحوظ جداً، فرغم أن المنظمة تنبهت لخطر الوباء وأعلنته خطراً وتهديداً لكل العالم شهر أبريل/نيسان 2016، إلا أن المنظمة مازالت “تتباحث” وتجري “مشاورات” حول عقد اجتماع لجنة طوارئ لمكافحة المرض.

يُذكر أن المنظمة قالت إنها أرسلت 11.6 مليون جرعة لقاح إلى أنغولا بالذات، وإن 2.2 مليون جرعة أخرى في طريقها إلى الكونغو، وصرحت المنظمة كذلك بأنها تعمل في كلتي الدولتين على حملات التلقيح وعلى رصد حالات جديدة ومكافحة البعوض وغيره من نواقل المرض.

كما صرحت المنظمة الدولية على موقعها بأن المرض حالياً لا يزال ضمن نطاقه الجغرافي المعهود تاريخياً، إلا أن وسائط السفر والنقل العالمية السريعة قد تؤدي إلى انتشاره بسرعة إلى أماكن أخرى لا برامج وقائية فيها.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله